موضوع في الفلسفة مع الاصلاح: قيل: » ليس الغير موضوع معرفة بل مجال اعتراف ». حلل هذا القول ناقشه مبرزا خصوصية اللقاء بالغير. – بكالوريا آداب



موضوع في الانية والغيرية – في الفلسفة مع الاصلاح


الموضوع:
قيل: » ليس الغير موضوع معرفة بل مجال اعتراف ». حلل هذا القول ناقشه مبرزا خصوصية اللقاء بالغير. 


التمهيد:
إمكانية التمهيد انطلاقا من الاشارة إلى جملة المفارقات التي التي تسم علاقتنا بالغير والتي تشترط البحث في الدوافع الكامة وراءها، من جهة، وسبل التعامل معها من جهة أخرى، سواء تعلق الأمر بمجال النظر والمعرفة أو بمجال العمل والممارسة. أو الانطلاق من الإشارة إلى أهمية الدور الذي يلعبه الغير في تحقق الذات، سواء من جهة ما يمثله من مخاطر أو من جهة اعتباره الشرط الضروري لتحققها من جهة تعدد سبل الالتقاء به.

الاشكالية:
طرح الاشكال بالتساؤل: إذا كان اللقاء بالآخر مشوبا بالمخاطر، فهل أن معرفة حقيقته كفيلة بتذليلها، أم أن الأمر يتطلب تجاوز منطق المعرفة إلى منطق الاعتراف به ذاتا مستقلة؟ وهل في الانتقال من مجال المعرفة الى مجال الاعتراف، ما يسمح باحلال التفاعل محل الصراع والتنافر؟
امكانية ثانية: إذا كان الاخر شرطا ضروريا لتحقق الذاتية، فهل يقتضي ذلك معرفة حقيقته، أم الاعتراف به؟ وإذا ما عد الاعتراف لحظة ضرورية في اللقاء بالآخر، فما عسى أن تكون خصوصيته؟ ألا يمكن مقاربة الغير بمعزل عن ثنائية المعرفة والاعتراف؟



الجوهر:
تحليل مضمون الاقرار الوارد في نص الموضوع، انطلاقا من:
لحظة أولى: الوقوف على الموقف المستبعد القائل بأن الغير موضوع معرفة، وذلك بالإشارة إلى دلالة أن يكون الغير موضوع معرفة وقابلية النظر إلى الغير كموضوع إدراك وموضوع تفسير على المستوى النفسي والاجتماعي والبيولوجي والانثروبولوجي والاقرار بأن معرفة الذات تمر عبر معرفتها بالغير.

الاشارة الى استناد هذا الموقف الى ثنائية الذات العارفة وموضوع المعرفة وأن ادراك الذات للغير يندرج ضمن اعتبار الاخر مجرد موضوع قابل للمعرفة والادراك بشكل محايد والكشف عن أهمية معرفة الآخر، سواء على مستوى معرفة الذات لذاتها (المستوى النظري) أو على مستوى التعامل معه (المجال الاجتماعي والسياسي).

نستنتج أن الموقف الذي ينظر إلى الاخر من جهة أنه موضوع معرفة، يقوم على الاقرار بمركزية الذات وتعاليها. وأنه موقف يهدف إلى السيطرة والتحكم، وينتهي إلى تشيء الاخر والاصطدام بعدم امكانية معرفة الغير باعتباره وعي آخر يفلت من كل تحديد، من جهة وإلى بناء علاقة قوامها الاقصاء والتجاهل والعنف من جهة أخرى.

لحظة ثانية: تحديد دلالة أن يكون الغير مجال اعتراف وذلك بالوقوف على دلالة الاعتراف من خلال التمييز بين مستلزمات المعرفة ومستلزمات الاعتراف. والارتقاء بالغير من مستوى الموضوع الى مستوى الذات وإعادة النظر في مفهوم الأنا بتجاوز محدودية اختزال الانا في المعرفة أو الوعي أو اللغة، إلى الاقرار بأهمية الرغبة في تشكل  الانا والتي تتجلى أولا في رغبة كل أنا في اعتراف الاخر بها واعادة النظر في شروط تشكل الوعي بالذات الذي لا يكتمل هنا إلا عبر الاخر (تجاوز الوعي الحدسي والمباشر).


إعادة النظر في مفهوم الاخر بتجاوز النظر إليه من جهة أنه موضوع معرفة، أو أنا آخر أو آخر الأنا (وهي تحديدات تقوم على مركزية الأنا)، إلى النظر إليه كذات واعية (التحول من مجرد موضوع أو صورة للأنا، إلى ذات واعية مستقلة).
بيان شروط هذا التحول من مجال المعرفة إلى مجال الاعتراف وآلياته: التحول من الوعي المباشر إلى الوعي الجدلي…. تجاوز ثنائية الذات والموضوع أو الانسان والعالم…. التحول من مجال النظر والتفسير إلى مجال التفاعل الذي يفترض آليات متعددة من بينها الصراع والتعاطف والمحبة… واستبدال التعالي والاقصاء بالتسامح والاختلاف.

لحظة ثالثة: بيان تبعات الاقرار بهذا الموقف بالوقوف على المستويات التالية:
المستوى النظري باستبدال براديغم التماثل ببراديغم الاختلاف.
تجاوز النزر الى الغير من جهة موضوع معرفة أو اعتباره ذاتا واعية، الى اعتباره شخصا بالمعنى الاجتماعي والحقوقي.
على المستوى العملي إرسال علاقات اجتماعية قائمة على أسس إنسانية إيتيقية.




النقاش:
المكاسب:
ابراز اهمية اعتبار ان حقيقة العلاقة بالغير ليس من طبيعة معرفية وإنما من طبيعة انطولوجية او ايتيقية.
ابراز ان اساس اللقاء بالاخر هو الاعتراف المتبادل لا مجرد المعرفة.
التأكيد على لحظة الاعتراف، في الارتقاء بالعلاقة التي تربط الأنا بالغير، في تجاوز الاقصاء والعنف.

بيات أن إرادة المعرفة تعبر عن إرادة هيمنة متخفية.



الحدود:
تنسيب أهمية الاعتراف بما أنه لا يمثل حلا لتجاوز واقع العنف الذي يسم العلاقات بين البشر، سواء على مستوى الافراد او الجماعات، باعتبار ان الطريق الى الاعتراف مثما يمكن ان يكون سليما، يمكن أن يكون عنيفا.
تجاوز التقابل بين المعرفة والاعتراف باعتبار ان الاقصاء ينجم في الغالب عن الجهل بالاخر.
النظر الى الاخر خارج ثنائية المعرفة والاعتراف.