fbpx
اتصل بنا

اشترك

ملخص رواية الشحاذ: الجانب الفني- الجزء الثاني- العربية - بكالوريا آداب
ملخص رواية الشحاذ: الجانب الفني- الجزء الثاني- العربية - بكالوريا آداب

الشحاذ

ملخص رواية الشحاذ: الجانب الفني – الجزء الثاني – العربية – بكالوريا آداب

ملخص رواية الشحاذ: الجانب الفني- الجزء الثاني- العربية – بكالوريا آداب

الأزمنة في رواية الشحاذ:

على غرار الأمكنة وما تحمله من دلالة رمزية وكشفا لأبعاد البطل عمر الحمزاوي فإن الأزمنة هي أيضا تحمل بعدا من أبعاد البطل, تحمل دلالة ومعنى ورمزا لأحوال الشخصية البطلة وقد تصرّف الكاتب نجيب محفوظ رحمه اللّه فيها تماشيا مع أحوال البطل لذلك كانت مشتتة ومعقدة وغير واضحة وقد كان الزّمن الدّاخلي للرّواية مرتبط ومتّصل بالبطل فهو الشّريان له على حد عبارة “مصطفى التّواتي” وبما أن الرواية تنتمي إلى النمط الذهني فإننا سنرصد فعل الشّخصيّة في الزّمن فإذا هو يفقد المنطقيّة فتذوب وتختفي الفواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل إذ نجد:

الماضي:

سبب تشكل الأزمة ولذلك نرى بحث البطل عن هويته خارج الماضي “الحق أني لا أحب الماضي” ويرمز الماضي إلى ارتِدَادِ البطل عن مبادئه وإلى الخيانة “ذكرى غبراء كالطقسِ النحوس”.

الحاضر:

نجده علة وآلاما هو زمن سيتطور فيه بحث البطل عن معنى الوجود ومعنى الحياة وهو زمن يرصد المستقبل إلا أن زمن الحاضر قد انتهى إلى الفشل لأنه زمن اخترقه الماضي لنجد البطل قد صرح بكرهه للحاضر أيضا “ما أحلى كلّ زمان باستثناء الآن”.

المستقبل:

مقصد عمر الحمزاوي فلا الماضي يرضيه ولا الحاضر يسعده ولذلك كانت الرواية رغبة في الانطلاق نحو المستقبل من الأفق في اللوحة وغيرها لكنها رغبة محكومة بالفشل وذلك عائد إلى انفتاح الرواية على أزمنة متعددة لتمتد من عهد آدم وحوّاء إلى تاريخ مصر الحديث والعالم الوسيط وتعود لتلامس تاريخ عمر الحمزاوي وآخر مغامراته في بحثه وسعيه نحو المنشود وعن معنى الحياة والوجود لتختزل تاريخ البشرية وتستجمع لحظات مختلفة علتها البطل حلما وحقيقة و يصرح بأن لا مستقبل له “سوف تفقد الوزن في النهاية وتسبح في الفضاء … ولن يكترث لك أحد”.

وقد تميز الزمن في الرواية على كونه رمزا ودلالة وقد ارتبط بالسرد إذ أنه:

زمن  يورد اللواحق:

أورد ما لم يتضمنه ولم يبلغه السرد وهذه الطريقة تسمى إيراد اللواحق  ومن ذلك قول عمر الحمزاوي لنفسه مستبقا لما سيؤول إليه حاله “سوف تفقد الوزن في النّهاية وتسبح في الفضاء أشدد قبضتك على الأشياء … ولن يكترث لك أحد”. وقد كانت اللواحق متممة لنقائص أو موضحة لبعض الأمور في الأحداث أو تكون لواحق ذاتية لأحوال البطل عمر الحمزاوي من ذلك تذكره سنوات السعي والكفاح أو استرجاع الذكرى مع زينب وتلك الأحاسيس.

زمن يورد السوابق:

تقنية استرجاع الشخصية حدثا قد وقع من قبل حسب ما يورده ذهنه أو حالته النفسية وهذه الطريقة تسمى إيراد السوابق ومن ذلك تذكر البطل حوار متشنج مع زينب وهو حينها مع وردة “كأن يتذكر عمر وهو مع وردة حوارا ساخنا كان له مع زينب أو مع مصطفى”.

وقد أورد أيضا الكاتب نجيب محفوظ في الرواية:

الزمن المتصف بالتواتر:  

يعرف الأستاذ “الصادق قسومة” في كتابه “النزعة الذهنية في رواية الشحاذ لنجيب محفوظ بين تشابك القضايا واختبار الأدوات” التواتر بما هو دراسة كم الأحداث مقارنة بتكررها في الحكاية وتكون محكومة من قبل الشخصية المركزية التي إما تعيد حدثا أو تقلِصُه وهذا ما يكسب الاحداث بعدا ذاتيا على نسق الفعل الروائي.

الزمن المتصف الديمومة:

وهي دراسة العلاقة بين الحيز الزمني الذي استغرقته الوقائع في الرواية التي تقاس بمقاييس التوقيت من دقائق أو أيام أو أشهر وبين الحيز الزمني التي امتدت عليه الأحداث ومقياسها كما أشار إليها الأستاذ “الصادق قسومة” في كتابه “النزعة الذهنية في رواية الشحاذ لنجيب محفوظ بين تشابك القضايا واختبار الأدوات” ويشير الأستاذ “الصادق قسومة” أيضا إلى أن دراستنا لهذه الألية (الديمومة) هو تبين ما يطرأ على السرد من عجلة أو إبطاء في نسق الأحداث.

 ولقد ظهر الزمن كرمز لأحوال الشخصية من خلال:

الفجر:

رمزا للانطلاق والبداية منه ينطلق سعيه “آه من الفجر في الصحراء والنشوة الخيالية الخالدة”  ومنه انبثاق إلى النور الرّبّانيِّ أضاء في نفس البطل البعث من جديد متحررًا من قيود المادة وبه أيضا تولد النّهاية.

النهار:

يرمز في الرواية إلى الواقع من الحياة الاجتماعية من البيت والاسرة وإلى مكتب المحاماة والواجبات الاجتماعية إذ نجد زمن العمل فكان كارها للنهار

الغروب/الليل:

رمزا إلى انتهاء النهر وإلى بداية اللّيل الذي ارتبط بتجاربه الحسية أي الجسد وقد كان الربيع رمز ازدهار تجربة الجنس والخريف اثمارها والشتاء افلاسها… وبالتأم ل الروحاني أي رمز إلى تجربة التصوف والعزلة وكان الربيع رمز ازدهار تجربة الجنس والخريف اثمارها والشتاء إفلاسها…

وقد اختفت الأزمنة عن الفصول الأخيرة كعلامات انتصار على القيود وهذا التصرف في الأزمنة بين درجة وعيِ الشخصية بالزمن فأصبحنا نتابع الزمن عبر باطن الشخصية بكل ما فيه من تعقد وتقلب.

وفيه أيضا:

زمن الخلق:

هو الزمن الذي خلق فيه الكاتب عمله ومعرفته ضرورية لتنزيل العمل في سياقه، وزمن الخلق في الشحاذ يتراوح بين 1962 و1965 في فترة القمع والجبروت وتصفية المعارضات، لذا كثر الحديث عن السجن والاعتقال ولذا أقام فيه عثمان وعاد عليه حال خروجه.

الزمن الخارجي:

هو “التوقيت القياسي للأحداث التي تجري في الآن” لذا تُروى بصيغة الحاضر، ويخرج فيه عثمان خليل من السجن سنة 1955، وقد أقام فيه عشرين سنة، وبدأت سنة 1935، وبما أن الحديث عن حمل زينب سبق خروجه بحوالي تسعة أشهر فيكون زمن الرواية الخارجي، هو سنة 1954، بعد عامين من قيام الثورة. وهو أمر مهم يضع الرواية في إطارها الاجتماعي والسياسي للبلاد المصرية آنذاك.

الزمن الداخلي:

هو الزمن الحقيقي الذي يمثل شريان الرواية كما يقول مصطفى التواتي لأنه وثيق الصلة بالشخصية المحورية، فهو زمن الماضي الذي تستجيب له الومضة الورائية، Flash-Back، فتجعله حاضرا وهو زمن المستقبل الذي يولده اختلاط اليقظة بالنوم، يرتكز على الحوار الداخلي باعتباره وسيلة فعالة في كشف أعماق الشخصية وتعرية عجزها عن الإفصاح عما في داخلها من أحاسيس ورؤى أمام أسوار الواقع السميكة.

ولهذا يستحضر الشحاذ عشرين سنة من حياته الماضية بما انطوت عليه من حرمان وآمال، وجهد ونضال وثورة مجسما في صديق الأمس عثمان خليل، رفيق الدرب الاشتراكي ويدفن معه ماضيه الثائر الذي لم يبق له منه سوى ذكراه.

كما يستعرض عمر الحمزاوي جزءا من حاضره الممزق بين انسجامه مع النظام وإثرائه ودخوله طور البورجوازية، وبين رفضه لهذا الواقع ورغبة الانعتاق من كل ضغط والتحرر من كل قيد وهو في الآن نفسه، يستشرف في لاوعيه مستقبله ومستقبل البشرية الطويل اللامحدود.

الشخصيات ودلالتها الرمزية:

تصنف الشخصيات إلى شخصيات رئيسية تتصل بها الأحداث وتنفتح به الرواية وتغلق به والشخصية المحورية في رواية الشحاذ هو “عمر الحمزاوي” وتبقى الشخوص الأخرى طرفية فهي مجردُ أثاث للتجارب وتحكمها ثنائية الظّهور والغياب والمساعدة والمعرقلة التي تحكمها العلاقة بين الشخوص فعندما تغيب الواحدة منها تندفع الأخرى إلى الظهور وتنطلق بها ومعها تجربة جديدة للشخصية المحورية صاحبة التجارب وقد خرجت الشخصيات من دورها الكلاسيكي المعهود نحو دور رمزي ودلالي فهي كالحصاة نلقيها في الماء فتخلق دوائر لا متناهية هو شأن عمر الحمزاوي تتعددُ من حوله الشخوص والرموز وتتنوع.

وقد اتصلت الشخصية الرئيسية بالشخوص الثانوية حسب الأزمنة فهناك شخصيات يمتدُّ حضورها من الماضي إلى الحاضر (زينب – مصطفى – عثمان – حامد…) ناطقة بماض وبدلالة اجتماعية وأخرى سياسية لكنها تختلف في المكان فعمر في الإسكندرية ومصطفى في القاهرة وعثمان في السجن فإذا بها تتعارض في حركتها وفي فكرها حتى. وشخوص تستمد حضورها من الحاضر (مارغريت – وردة – سمير…).

الشخوص:

عمر الحمزاوي:

هو رمز الإنسان العربي وهو البطل الرئيسي في الرواية. هو وجهة لعملة واحدة لماض وحاضر والوجهان ليسا متماثلين وشبيهان فالوجه مختلف عن القفى ولا يحضر البطل الماضي إلا عبر ومضات استرجاعية أو من خلال وُرُود بعض الذّكرى الخاطفة فهو “المحام الكبير ابن موظف صغير طالب ابن فلاح أبا عن جد سلسلة طويلة من أبائه وأجداده تهرأت أقدامهم من معاندة الأرض ثم تساقطوا إعياء” فهو من الريف المصري وجاء إلى القاهرة لمواصلة تعليمه وقد كان شاعرا بالأمس اشتراكيا محض عاش فترة الجامعة بالقاهرة في عنفوان شبابه رفقة أصدقائه ورفقائه عثمان خليل ومصطفى المنياوي وحامد صبري حياة نضالية ملؤها الحركية والنشاط السياسي والتنظير لتعبئة الطلاب ضد النظام الملكي والإنجليزي كما أنه نجح في بعث النفس الثوري عند صفوف الطلاب في الماضي إذ نجده محاربا للنّظام البيروقراطي ولتسلطه إلا أنه اليوم نجده وريثا لذلك النّظام الّذي حاربه سابقا فنجده على هامش الطريق لم يساهم في الثّورة التي ربما قد سرقت أحلامه وأجهضتها فهذا الانتقال الفجائي من حال إلى حال جعل لها تبعة لأصل تأزم البطل عمر الحمزاوي ولكنه لم يستطع أن يتبيّن معنى الوجود في ظل أزمة الثورة التي وعدت ولم تف.

رمز التخلي عن المبادئ الثورية ورمزا للخيانة فكان ثوريا مزايدا بارع في بيع الوطنيات فهو نقيض الأمس هو في حاضره محام بارع وناجح هو إنسان حائر أمام الوجود والموت وفي بحثه المتواصل عن معنى الوجود والحياة.

رمز الإنسان المفكر الساعي إلى التحرر من قيود حياته الرتيبة وماهيته الجاهزة ليصارع الدنيا مثبتا كيانه ومتجاوزا للحقيقة الكامنة  في ماضيه ومتجاوزا للعدم سائلا شاحذا لمعنى الحياة فالشحاذ هي حكاية واحدة هي حكاية مغامرة البطل الواحد فهو أوّل من ظهر وآخر من اختفى ممثلا لمحور الأحداث فهو عملاق الجسم والمكانة “لكنك عملاق وبكل معنى الكلمة طويلا جدّا وبالامتلاء صرت عملاقا” عمره 45 سنة وهي سن الاستقرار والنضج إلا أنه لا يستقر على حال طيلة الرواية مضطربا بدأ من أولها بزيارة عيادة الطبيب حامد صبري  آملا في أن يجد دواء لمرضه الغريب ليتأزّم الوضع أكثر من بعد ذلك بخوضه تجارب متباينة ومختلفة حتى آخر الرواية.

مصطفى المنياوي:

رمز المثقف المصري الّذي انبنى على الإشتراكيّة ثم ارتد عليها بدعوى الثورة التي قادها الضباط الأحرار وقد انخرط في واقعه متخلصا من مبادئه إيمانا وممارسة وهو أصلع وصلعته لا توحي إلا بالفراغ الفكري وبساطته.

لقد مال الفن عنده وانحدر عن مفهومه الصحيح إذ يرى فيه إلا وسيلة للتهريج والتسلية “هي رسالتي في الحياة التسلية” وبه يقتل الوقت فيصبح الفن تجارة رابحة لذوي العقول البسيطة “فن عصرنا التسلية والتهريج” وقد كان حاله كحال عمر الحمزاوي في الماضي يحلم بالدولة الاشتراكية ويعتبر الفن رسالة اِلتزام لا تهريج لذلك كان بعدا من أبعاد البطل يقول مصطفى التواتي في ذلك: “وجهان متكاملان للمثقف الانتهازي الذي يبق أن مثله رؤوف علوان في اللّصّ والكلّاب … متنكّرا لمبادئه الثوريّة السّابقة” وقد ورد ذكر مصطفى المنياوي في بداية الرواية بعيادة الطبيب حامد صبري الذي لا يغيب حاضرا ولا ماضيا إذ نجده متتابعا لأحوال شخصية البطل المتأزمة من بدايتها إلى نهايتها فهو شاهد على قصة حب البطل مع زوجته زينب ومنظما له مع مارغريت ووردة دافعا إياه نحو التجارب والهروب لتولد المفارقة في نهاية الرواية عند محاولة مصطفى المنياوي ارجاعه للبيت لرؤية مولوده الجديد سمير.

عثمان خليل:

هو صديق الماضي الّذي خاض مع البطل ومصطفى المنياوي رحلتهما السياسية النضالية والجامعية التي ملئت نضالا وحراكا سياسيا فهو رمز الثبات والبقاء على العهد وعلى مبادئه على خلاف رفيقيه حالما بالمدينة الفاضلة إذ يعمل عثمان خليل ضمن خلية سرية تنظم الاغتيالات وقد أُصِيب بطلق ناري في ساقه عند تنفيذه لعملية اغتيال وقبض عليه حينها وقَضَّى 20 سنة في السجن مناضل حقيقي أمس كبش الفداء بالنسبة إلى صديقيه اللّذان ضحّا به ودفنا معه الأفكار الثّورية في السّجن وتكون الصّدفة في الأحداث بخروجه من السّجن ليتضاعف عذاب الوجود عند عمر الحمزاوي ويلتقي به في مكتبه الذّي رفض الاعتراف في الحديث معه عن الحقيقة التي كان عليها تحت تعذيب نفسية وبدأ حينها عثمان خليل بالتساؤل والمحاسبة الغير مباشرة والبطل بدى بالضجر والتضايق وبه يخرج تاريخ البطل

ومن خلال خروج عثمان خليل رمز النضال ورمز تاريخ عمر الحمزاوي لذلك يبعث نجيب محفوظ بتاريخ البطل هادفا من وراء ذلك بعث تاريخ الثورات المصرية التي خدعت وخذلت من الداخل التي بدأ بها الأجداد وتوقفا عندها الأبناء الذي يرى فيهم عثمان خليل وكأنهم فئران “ولو لم تسارعوا إلى الجحور…”الذين لا يحبون صعود الجبال على حدّ عبارة أبو القاسم الشابي فعثمان خليل بالأمس قزم واليوم عملاق  وعمر الحمزاوي عملاق بالأمس واليوم قزم أمام الحقيقة العارية التي لطالما كان متخوفا من هذه اللحظة من المواجهة معه.

وقد حضرت شخصية عثمان خليل من بداية الرواية في الفصل الأول عندما بدأ الطبيب يُشخص المرض للبطل إذ يذكره عمر الحمزاوي في سياق حديثه مع الطبيب ومن خلال ذلك عرفنا أنه في السجن وكم قضى فيه ويبرز الظهور المباشر له في “الفصل الخامس عشر”.

زينب زوجة عمر الحمزاوي:

نشأت زينب تلميذة ضمن الراهبات معتنقة المسيحية. تزوجت بعمر الحمزاوي عن حب وصدق حيث تمثل هذه الشخصية بعدا من أبعاد الشخصية المحورية ويتمثل هذا البعد الرمزي في العيش الراقي فهي رمز النجاح والمال والشهرة وأيضا رمز المرض إنها سيدة البيت ويبرز ظهورها وحضورها من خلال المطبخ مخزن أشهى المأْكولات والمشروبات فهي تعيش لتأكل وتشرب ولا تمارس الرياضة والعمل الفكري فالمطبخ مكان أليف لها إنها رمز طبقة مريضة فأصبحت تحاكي البرميل على حد عبارة نجيب محفوظ فتكورت ولم تعرف تفاصيل جسمها”واكتظت وجناتها بالدهن…ضاقت عيناها الخضروانِ تحت ضغط اللحم المطوقِ لهما”.

رمز لجيل الاستهلاك جيل يستهلك من الأكل حتى التخمة والمرض ولاتقاوم الشهوة، طبقة في زمن تُقلدُ كبار السياسيين في العالم والمشاهير والتي تمثله زينب كتقليدهم للسياسي البريطاني “تشرشل” سوى في بطنه وضخامة جثته وأهملت الجانب الفكري والسياسي في شخصيته.

بالتالي يفضح نجيب محفوظ مدى تأثّر هذه الطبقة بالسلوك الإنجليزي والعادات التي يتأثر بها الضعيف بالقوي والمغلوب المتخلف بالغالب المتقدم بذلك يكشف ظاهرة اجتماعية ونفسية شاعت وهو أن الشعب المصري المغلوب يعمد بغير وعي أحيانا إلى تقليد الغالب في أغلب مستوياته متوهما أنه السبب في قوته وتقدمه وقد تحدث عنها هذه الظاهرة العلامة ابن خلدون وحتى الفيلسوف الحديث الأسترالي “سنجلر” وأسماها “التشكل الكاذب”.

وقد تميّزت هذه الشخصية أيضا بصبرها وصدقها وحبها الكبير مع عمر الحمزاوي وهي تعيش مأْساة فنجدها رمز الرّصانة والصبر.

شخصية حامد صبري:

التوازن والاعتدال والعلم والعمل: هو ثالث أصدقاء الشحاذ، ورابع الجماعة الذين تآلفوا بعد أن تعارفوا في مطلع الثلاثينات، وضمتهم الجامعة المصرية، أصبح حامد صبري طبيبا ماهرا ناجحا يملك عيادة بها قاعة استقبال جميلة، تتوسط أحد جدرانها لوحة رسام موحية، استرعت انتباه عمر، فانجذب معها وحجرة كشف، وذاكرة حية. هي ذي مواصفات “الطبيب الناجح” انتبه إليها المحامي الفذ وبفضل هذه الخصال، تمكنا من التعرف على مرض الشحاذ: “إنه مرض برجوازي ليس بك مرض… نسيت المشي أو كدت، تأكل فاخر الطعام وتشرب الخمور الجيدة، وترهق نفسك بالعمل لحد الإرهاق، ودماغك دائما مشغول بقضايا الناس وأملاكك، وأخذ القلق يساورك على مستقبل عملك ومصير أموالك…”.

وفي ذلك إشارة كافية لوضع مصر الاجتماعي آنذاك، ولبداية وساوس عمر الحمزاوي. وبفضل خبرة الطبيب، عرفنا الدواء اللازم لعلاج الشحاذ: “إعتدل في الطعام… قلل من الشراب… التزم برياضة منتظمة كالمشي… والدواء الحقيقي بيدك أنت وحدك…”

كما نصح الطبيب مريضه بأخذ إجازة طويلة على شاطئ الإسكندرية… ولهذا الاعلاج أبعاد عدة في الرواية…. وتدعو شخصية حامد صبري إلى الإيمان بأن الانسان هو سيد سلوكه وتفكيره فهو رجل واقعي لا يسأل عن معنى الحياة ولا يتسول بل هو مؤمن بجدوى العمل ومساعدة الانسان إذ يقول: “مادمتُ أؤدي خدمة كل ساعة لإنسان هو في حاجة ماسة إليها، فما يكون معنى السؤال؟”.

وهو سبب في إطالة عمر الطّبقة البرجوازيّة الّتي تعالج أزماتها النّفسيّة في هذا المكان. وأيضا، رمز تواصل الماضي والحاضر والمستقبل، حيث يذكّر الشحاذ بماضيه الدراسي والسياسي وحتى الشاعري، ويدعوه إلى التفاؤل قائلا في الرد على كره عمر الحمزاوي للماضي: “فلتحب المستقبل”.

شخصية بثينة:

فتاة بشعر أبيها معجبة: تظهر هذه الشخصية وتتنامى بداية من الفصل الثاني، إلى آخر فصل في الرواية، وتحضر في تسعة فصول مع أبيها عمر الحمزاوي “الشحاذ”، فهي فتاة في مقتبل العمر ومرحلة النضج مثقفة، طالبة في إحدى الكليات، تحب الشعر قراءة وتذوقا ومحاولة ومعاناة، ورثته عن أبيها. تجد في ديوان شبابه النبضة التي ماتت “اليوم” فيه… وفي قصائده بداية الطريق فيتواصل فيها ما انفصل عن “الشحاذ”، والشعر رمز إلى ميل الفتاة الفطري الغريزي إلى أبيها.

وتشارك بثينة في جلسات الحوار إلى جانب عمر مع صديقيه حول “دور العلم ودور الشعر” مثلا وحول الاشتراكية وتساهم أيضا في تهدئة خاطر أمها زينب، وتلوم أباها في رفق وتُصوِّبُ من “أخطاءه”، وتسرّي عن والدتها في مرضها وأزمتها، وتتوسل إلى والدها كي يعود إلى البيت بعد طول الهجر. فتقوم هكذا حكما يصلح ما فسد ويقوّم ما أعوج. وهي لا تيأس من ايقاظه من غفوته، ومن محاولة إرجاعه إلى الواقع، إلى الدنيا، وهو في شروده وتيهه وحلمه وشبه جنونه، لا يجيب إلا كما يجيب الأصم الأبكم.

وفي حضورها إشارة إلى الطريق الصحيح الذي كان يمكن أن يهتدي إليه الشحاذ، لولا عماه الباطني، وهي أخيرا الفتاة التي تسحر عثمان خليل وتتزوجه وهو ما رمز إلى لقاء النضال والعلم بالشعر.

شخصية سمير:

فليحمه اسمه من الضجر: تنتهي رواية الشحاذ بعودة عمر الحمزاوي إلى الحياة على نغمة بيت شعر تردد في سمعه كثيرا: “إن كنت تريدني فلم هجرتني؟”، وذلك بعد أن أنجبت زينب لزوجها وليدا سموه “سميرا” سمير، هو رمز للأمل في حياة زينب وقلقا يضاف إلى قلق “الشحاذ”، لذا حملت به أمه “لكي تنعكس النعمة المتناقضة” على حياة عمر. فلقد سمع دقات ناقوس الإنذار وقال لنفسه:” إنه بشيء من الشراب سيطردُ الفتور ويمثل دور الحب، كما يمثل الزوجية والصحة”.

للحصول على الجزء الأول اضغط هنا

للحصول على الجزء الثالث اضغط هنا

أنجز هذا العمل من قبل أشرف البنزرتي – بكالوريا آداب

احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني

احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني

كتب من قبل

طالب بمرحلة الماجيستير - جامعة الزيتونة ومحرر بموقع موسوعة سكوول

Facebook

آخر المواضيع

إعلانات

شرح نص “في ماهية الإنسان” لديكارت – فلسفة – بكالوريا آداب

الانية والغيرية

برنامج العربية للبكالوريا آداب (ملخصات – شرح نصوص – منهجيات)

الجاحظ

منهجية تحليل نص من مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" - العربية - بكالوريا آداب منهجية تحليل نص من مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" - العربية - بكالوريا آداب

منهجية تحليل نص من مسرحية “مغامرة رأس المملوك جابر” – العربية – بكالوريا آداب

العربية

ملخص حكاية مسرحية: مغامرة رأس المملوك جابر - العربية - بكالوريا آداب ملخص حكاية مسرحية: مغامرة رأس المملوك جابر - العربية - بكالوريا آداب

ملخص حكاية مسرحية: مغامرة رأس المملوك جابر – العربية – بكالوريا آداب

العربية

إعلانات
Connect
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني

احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني

error: Content is protected !!